هربيا
يشارف الغول على الثمانين من عمره، وكان في عام نكبة فلسطين طفلاً في الرابعة من عمره، غير أن ذاكرته ما تزال حيّة، وتختزن مشاهد كثيرة من رحلة اللجوء القسرية إلى غزة. ويقول للجزيرة نت "ولدت في هربيا بتاريخ 10 أبريل/نيسان 1944، وما زلت أتذكر رحلة الخوف والموت من هربيا إلى غزة.. ولن ننسى حقنا بالعودة إلى ديارنا".
عام 1948 إبان وقوع النكبة، كان تعداد قرية هربيا أكثر من 2500 نسمة، ومن أكبر عائلاتها "الغول" وقد اضطر سكانها تحت وقع الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية إلى سلوك الطريق الساحلي بمحاذاة البحر وصولاً إلى غزة، أسوة بسكان البلدات والقرى القريبة من القطاع.
أرض الغول
أنهى خضر دراسته الأساسية في مدارس "أونروا" قبل أن يعود مدرساً فيها لمادة اللغة العربية بعد حصوله على الشهادة الجامعية من جامعة الإسكندرية في مصر. ثم تزوج وأنجب 7 من الذكور و4 من الإناث ورثوا عنه حب "هربيا" والأمل بالعودة إليها. وقال "توريث حق العودة أهم من ميراث الأموال (..) لن ننسى ولن نغفر الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق أجدادنا الأوائل".
ولعائلة الغول بصمات بارزة في سجلات النضال الوطني الفلسطيني، وحسبما يقول خضر "نحن جزء من هذا الشعب، ففي كل بيت فلسطيني شهيد أو جريح أو أسير".
وعام 2004، اغتالت قوات الاحتلال (شقيق خضر) القيادي البارز في كتائب عز الدين القسام عدنان الغول الذي يعتبر أحد أبرز مهندسي المقاومة الأوائل، وممن ساهموا في تطوير قدراتها العسكرية.
العودة قريبة
مرات نادرة تلك التي اضطر فيها خضر وأسرته إلى مغادرة منازلهم في "أرض الغول" ويقول "منذ سبعينيات القرن الماضي ونحن نقيم هنا، وأملنا أن نكون أول العائدين إلى فلسطين، ولم نغادر منازلنا إلا مرات معدودة تتحول خلالها هذه المنطقة إلى منطقة أشباح خلال الاعتداءات الإسرائيلية على غزة".
ومن على سطح المنزل، يشير أيمن بيده نحو "هربيا" ويستذكر معلومات ما تزال عالقة في ذاكرته من 5 زيارات رافق بها والده في ثمانينيات القرن الماضي، ويقول "كانت الزراعة مهنة غالبية سكان القرية، فضلاً عن عمل البعض في مهنة صيد الأسماك.. وكان في القرية مسجد واحد ومدرسة وحيدة، و6 سيارات نقل فقط، منها اثنتان ملك عائلتي، وقد استخدمتها في الهجرة إلى غزة".
توارث حق العودة
و"ما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة" يقول الحاج خضر، الذي يشعر بالفخر لدور شقيقه الشهيد عدنان ومساهمته في صناعة صواريخ وقذائف محلية، تستخدمها المقاومة في قصف المستوطنات المقامة فوق أراضي "هربيا" والقرى الفلسطينية المهجرة التي أقيمت على أنقاضها ما تُعرف حالياً بـ "مستوطنات غلاف غزة".
ويقول نجله أيمن "لقد ورث أبي العزيمة والإصرار عن جده الحاج جابر الذي توفي عن 113 عاما، وكان لا ينقطع عن الحديث عن هربيا والعودة إليها، وزرع فينا حب الوطن والانتماء إليه، وأصبحنا نتوارثه جيلاً من بعد جيل".